العنصرية في ماليزيا قضية متجذّرة وتحدّيات مستمرّة

العنصرية ف ماليزيا

رغم أن ماليزيا تُعد من الدول متعددة الأعراق والأديان، تجمع بين الملايو، الصينيين، الهنود، ومجموعات أصليّة أخرى،العنصرية في ماليزيا: جذورها، مظاهرها، وطرق التصدي لها

فإنّ المسألة — مسألة العنصرية والتمييز القائم على العرق أو الدين أو الثقافة — لا تزال قائمة وتشكل تحديًا لسياسات الوحدة الوطنية والتعايش.
في هذا المقال نستعرض جذور هذه الظاهرة، مظاهرها المعاصرة في المجتمع والسياسة والمؤسسات، وأخيرًا بعض المقترحات للتصدي لها.


جذور التمييز في ماليزيا

ترتبط جذور التمييز في ماليزيا بعدة عوامل، من بينها:

  • التاريخ الاستعماري البريطاني الذي اعتمد سياسة “فرق تسُدّ” بين المجموعات العرقية، مما ساهم في رسم فوارق اجتماعية واقتصادية بين الصينيين، الهنود، والملايو.
  • السياسات الحكومية بعد الاستقلال التي كرّست بعض الامتيازات لفئة “البومي بوترا” (Bumiputra)، أي أبناء الأرض من الملايو والمجموعات الأصلية في صباح وساراواك، مما أثار جدلاً حول ما إذا كان ذلك تمييزًا عكسيًا ضد غير الملايو. على سبيل المثال، يُشير Article 153 of the Constitution of Malaysia إلى حماية “الموقع الخاص” للملايو والأصليين.
  • البُنى المؤسّسية والاجتماعية التي ما زالت تُجزّئ فرص التعليم والعمل ولوائح التوظيف والإسكان على أسس عرقية أو دينية.

مظاهر التمييز في ماليزيا اليوم

1. السياسة والقطاع العام

أظهرت تقارير مثل تقرير Pusat KOMAS أن العديد من الحوادث المرتبطة بالتمييز العرقي والديني حدثت داخل البرلمان أو عبر تصريحات سياسية.
السياسيون الذين يستخدمون خطاب “نحن/هم” يعمّقون الانقسامات ويضعفون فرص التعايش السلمي.

2. الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي

دراسة حديثة أظهرت أن وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الأكثر انتشارًا لخطاب الكراهية والتمييز العرقي والديني، يليها الإعلام التقليدي والسياسيون. هذا الاستخدام يعزز الانقسامات ويسهّل انتشار التصنيفات السلبية ضد المجموعات الأقل تمثيلًا.

3. التمييز المؤسّسي والاقتصادي

المجموعة الصينية في ماليزيا تواجه عدم المساواة متعددة الأبعاد في التعليم والعمل والفرص الاقتصادية نتيجة لسياسات تُعطي امتيازات للملايو، مثل مبدأ تفوق الملايو (Ketuanan Melayu).
بالإضافة لذلك، تُشير الدراسات إلى أن التمييز في السلوك الاستهلاكي بين الأعراق يؤثر على السوق والسلوك الشرائي.

4. العلاقة بين العرق والدين

العرق والدين مترابطان في ماليزيا؛ فالملايو غالبًا مسلمون، والمجموعات الصينية غالبًا غير مسلمة أو ذات خلفيات متنوعة. هذا التداخل يجعل التمييز يتعدى اللون أو الأصل العرقي ليشمل الهوية الدينية أيضًا ولمعرفه المزيد عن التعايش الديني اقرا هنا


آثار التمييز على المجتمع والاقتصاد

  • تقويض التماسك الاجتماعي: يشعر قسم من المجتمع بأنه “مستثنى”، ما يقلل الثقة بين المجموعات.
  • إضعاف النمو الاقتصادي: المواهب من مجموعات أقل حظًا قد لا تُستغل بشكل كامل.
  • التأثير على العدالة والمساواة: السياسات التمييزية تجعل من الصعب بناء مجتمع متساوي الفرص.

التحديات في مواجهة التمييز

  • صعوبة الإبلاغ: العديد من الحالات لا تُسجّل أو تُخفى تحت مسميات “منطقية”.
  • غياب قانون شامل: ماليزيا تفتقر لتشريع محدد ضد التمييز العرقي والديني.
  • الثقافة السياسية: بعض السياسيين يستخدمون العرق والدين كأداة انتخابية، ما يزيد الانقسامات.
  • تداخل العرق والدين واللغة: يجعل الفهم والمعالجة أكثر تعقيدًا.

مقترحات للتصدي للتمييز

  • إنشاء هيئة وطنية مستقلة لمناهضة التمييز والعنصرية لتعقب الحوادث ومتابعة التنفيذ.
  • إدراج مناهج تعليمية تعزز التعايش والتعددية وتوعية الطلاب بخطورة التمييز.
  • اعتماد سياسات توظيف وإسكان تمنع أي تلميح للتمييز العرقي أو الديني.
  • تنظيم حملات توعية على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى مستوى المجتمع المدني.
  • تشجيع البحث الأكاديمي حول تجارب المجموعات الأقل حظًا لتسليط الضوء على أبعاد التمييز الأقل ظهورًا.

خاتمة

التحدي أمام ماليزيا ليس فقط في الاعتراف بوجود العنصرية، بل في صياغة سياسات وأطر مجتمعية لمعالجتها وتحقيق العدالة. التعدد العرقي والديني يمكن أن يتحول إلى نقطة قوة إذا ما أصبح التعاون والطاقة المشتركة هو الأساس، بدل أن يكون سبب انقسام. التعايش الحقيقي يعني أن يشعر الجميع بالاعتراف والمشاركة في مستقبل مشترك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
Scroll to Top